استثمر بوعي

كثير من الوقت استهلكته كي أنهي هذا الموضوع.. فبين إحساسي بالفخر لدخول علامات تجارية سعودية سوق العمل، صنعت بأسماء وأيدٍ سعودية 100 %، بعد الدعم اللامتناهي والتسهيلات التي قدمت في كافة قطاعات والوزارات امتثالا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وقائد نهضة الاستثمار ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله -.

وبين شعوري بالصدمة لوجود هذه الأسعار المبالغ فيها من قبل تلك العلامات التجارية.

هل يعي المستثمر الذي وضع لمنتجه سعرا يتجاوز 600 أو 800 ريال هذه المبالغة في الأسعار؟

هل يعي المستثمر الذي يتذرع بارتفاع أسعاره بسبب الضريبة أن الصين التي تتربع على قائمة أكثر الدول التي لديها مستثمرون ينتجون كل شيء وأي شيء، بالرغم من أن الضريبة لديهم أضعاف ما لدينا فهم يتأرجحون بين قوائم الضرائب وتجزئتها التي لا تنتهي بداية بضريبة الدخل الشخصي التي لا تقل عن 45 % ثم ضريبة الشركات التي تقدر بـ 25 % وضريبة المبيعات والعديد من البنود الضريبة التي لا تنتهي، وبالرغم من كل ذلك اكتسحت الصين بمنتجاتها العالم كله لأنها الأرخص وبجودة لا نقول عنها ممتازة وإنما معقولة، هذا ما تثبته الأرقام والأرباح التي لا تخفى على أحد.

وحدها الصين أثبتت لكل دول العالم أن السعر الأقل كفيل بضخ الملايين بل المليارات من الأرباح لك وكسب العديد من الزبائن الدائمين حتى ولو عانى العميل الأمرين من صعوبة لغتهم والتواصل معهم فسلاحهم الوحيد الذي لا يستطيع أحد مقاومته هو السعر الأقل.

لا أتحدث هنا عن العلامات التجارية السعودية التي لديها ما لديها من التكاليف بداية بإيجار المحل ورواتب الموظفين والفواتير والحملات التسويقية وغير ذلك.. بل أتحدث عمّن يقومون ببيع منتجاتهم “online” فتجد أسعار المستثمرين السعوديين الجدد في العطور قريبة جدا لأسعار العطور الفرنسية متناسين أن الضريبة في فرنسا لا تقل عن 45 %، هذا عدا أن عمر العلامات لديهم يتجاوز 80 سنة على الأقل.

بل حتى العباءات التي أصبحت تتجاوز سقف الألوف بكل استهتار وغيرها من المنتجات التي لا نهاية لها.

نعم دعمت الدولة بقيادتها الرشيدة جميع المستثمرين على اختلاف منتجاتهم، لكن الوعي وظيفة المستثمر فمن غير المنطقي أبدا أن تكون الضريبة لدينا أقل من الصين وفرنسا بل وحتى أمريكا ومع ذلك يأتي مستثمر ويضع أسعار منتجاته تتجاوز أسعار الماركات الأجنبية أو حتى قريبة لها.

ضع بالحسبان أيها المستثمر أنه في معظم دول العالم سعر المنتجات المستوردة يكون أعلى من سعر المنتجات المحلية، باستثناء الصين التي ما زالت تتربع على صدارة المنتجات الأقل سعرا داخل أي دولة وتحت أي عملة.

أما اليوم فما نراه أن العديد من المنتجات الأمريكية والماركات العالمية أسعارها أقل من أسعار الماركات السعودية!!

لماذا قلة الوعي بكل ذلك والإصرار على وضع هذه الأسعار التي لا تمت للمنطقية بأي صلة؟

ما زلت متمسكة برأيي، نحن في بلد عز ولله الحمد، لكن حديثي العهد بالاستثمار الذين لا يملكون الوعي الكافي هم من صنع هذه المعضلة بارتفاع الأسعار للمنتجات بهذا الشكل الجنوني.

بالتأكيد ندعمكم ونفخر بكم، أما أنتم بالمقابل تستغلون جيوبنا وتضعون أسعارا مبالغا بها بهذا الشكل غير المعقول!

لكن أجزم أن الواقع سيصدمهم قريبا عندما تتكدس منتجاتهم بدون أن يبتاعها المشتري، فالبدائل كثيرة والصين ما زالت تعمل على منهجية الأرخص ثم الأرخص ثم الأرخص، لذا نصيحتي لكم أن تعيدوا النظر في أسعاركم حتى تنجوا من طوفان المنتجات ذات السعر الأقل، وهروب المشتري منكم.

المصدر

https://www.alriyadh.com/1931940

Picture of الهنوف بنت إبراهيم بن حسان

الهنوف بنت إبراهيم بن حسان

كاتبة سعودية في مجال ( اداراة الاعمال والاستثمار – تطوير الذات )

مشاركة المقال